أربع ساعات من الاثارة في محاكمة عميد شرطة بسوث أهراس متهم باختلاس الأموال
مثل أمس رئيس المصلحة الجهوية لشرطة الحدود بسوق أهراس (نجيب.ش) البالغ من العمر 52 سنة، وحافظ الأمن العمومي رئيس مصلحة نادي الشرطة بنفس المصلحة (د.الساسي) البالغ من العمر 53 سنة، أمام محكمة الجنح بقالمة بتهم اختلاس أموال عمومية واحتجاز دون وجه حق لأموال صندوق النادي واستغلال النفوذ، إصدار شيك دون رصيد، تلقي الهدايا والإدلاء بإقرارات كاذبة. وقد تميزت جلسة المحاكمة التي دامت أكثر من أربع ساعات كاملة أمس بالإثارة من طرف عميد الشرطة المتهم في مواجهته للشهود الذين هم من موظفي سلك الشرطة برتبة ضباط وأعوان للنظام العمومي وكذا أعوان شبيهين، والذين غاب منهم ستة شهود من مجموع 24 شاهدا استمعت لــ 18 شاهدا منهم هيئة المحكمة بكل التفاصيل الدقيقة خلال جلسة المحاكمة التي استهلها رئيس الجلسة بما يلي بعد المناداة على المتهم الأول نجيب.ش. القاضي: هويتك المتهم : نجيب.ش، من مواليد سنة 56 بفرجيوة ولاية ميلة، عميد شرطة، رئيس المصلحة الجهوية لشرطة الحدود بسوق أهراس. القاضي: وبعد تلاوة محضر الوقائع الذي جاء فيه (باختصار) أنه وبتاريخ 24 جوان 2006 وبعد تحرير تقرير إخباري من طرف رئيس أمن ولاية سوق أهراس جاء في مضمونه أن عميد الشرطة نجيب.ش قام خلال فترة إشرافه على تسيير شؤون المصلحة الجهوية لشرطة الحدود بالشرق، والممتدة بين تاريخ 09 جانفي 1993 إلى غاية تاريخ 17 افريل 2000 باختلاس مبالغ مالية مقدرة بأكثر من 55 مليون سنتيم حسب الخبير الذي تم تعيينه من طرف مديرية الأمن، كما أنه متورط أيضا في أخذ مواد غذائية استهلاكية من نادي الشرطة دون تسديد ثمنها، وأنه استعل أيضا رجال الشرطة في صناعة شبابيك مساكنه ونقلها إليها بواسطة شاحنة المصلحة إلى ولايتي الطارف وقسنطينة، كما أنه يضيف التقرير تلقى ملابس للرجال والنساء والأطفال من رؤساء المراكز الحدودية بتبسة وسوق أهراس وسلمها لمسؤول مصلحة النادي للتصرف فيها ببيعها لحساب العميد، وقد تسببت هذه الأفعال في ضعف إيرادات النادي وتسجيل عمليات شراء وأخرى بنكية وهمية، وغيرها من الأضرار الأخرى التي لحقت بمصلحة شرطة الحدود جراء تصرفات عميد الشرطة المتهم وبمساعدة حافظ الأمن العمومي مسؤول النادي، وبعد ذلك أخبر القاضي المتهم بعبارة: أنت متهم باختلاس أموال عمومية واحتجاز دون وجه حق لأموال صندوق نادي الشرطة واستغلال النفوذ وتلقي الهدايا، إصدار شيك دون رصيد والإدلاء بإقرارات كاذبة، فما ردك؟ نجيب.ش: بعد ظهور صك دون رصيد في حسابات نادي الشرطة تم إيفاد لجنة تحقيق من طرف المديرية العامة للأمن الوطني وأخرى من طرف المفتشية الجهوية للشرطة، وقد صرحت لها خلال التحقيق أن الثغرة المالية التي تم اكتشافها في حسابات النادي لا أتحمل مسؤوليتها، بل المسؤول المباشر عن تسيير شؤون نادي الشرطة، وأن كل التقارير التي كنت قد بعثتها طيلة إشرافي كمسؤول عن تسيير المصلحة الجهوية لشرطة الحدود إلى المديرية العامة لتسيير نوادي الشرطة لم تكن يوما محل طعن أو تشكيك وأن المسؤول المباشر على النادي لست أنا، بل محافظ الحسابات وكذا مفتش الشرطة وبعده محافظ شرطة، بينما أنا كعميد فوظيفتي الواسعة كمسؤول جهوي على الموانئ والمطارات والحدود لا تمكنني من مراقبة عمليات النادي وهذه المبالغ التي أعتبرها جد ضئيلة مقارنة مع مهامي الواسعة. القاضي: إذن أنت تنكر إختلاسك للمبلغ الذي تم تحديده من طرف الخبير الذي تم تعيينه من طرف العدالة. نجيب.ش: بالطبع ليست لدي أية مسؤولية عن الثغرة المالية ، ومادمت هذه فرصتي للتكلم بحرية أمام العدالة التي أثق فيها كثيرا فإني أؤكد أني ذهبت ضحية تصفية حسابات شخصية ضيقة. القاضي: وبماذا تفسر قضية أنك أخذت الحديد من مخازن الشرطة وقمت باستغلال أعوان الأمن لصناعة الشبابيك لمنازلك المتواجدة بسوق أهراس والقالة بولاية الطارف، وكذا مسكنك بمدينة قسنطينة، وأنك أمرت بنقل الشبابيك الحديدية بواسطة شاحنة الشرطة. نجيب.ش: أولا، سيدي الرئيس لقد إشتريت الحديد المخصص لصناعة الشبابيك من مالي الخاص وفعلا لقد تم نقل الشبابيك على متن شاحنة الشرطة إلى مدينة قسنطينة والتي كان فيها عمل آخر لسائقها الذي ذهب لجلب عتاد ومؤونة من المديرية الجهوية. أما بخصوص أن أعوان الشرطة قاموا بصناعة الشبابيك الخاصة بمساكني وتركيبها فإني أنفي ذلك وأؤكد أن الأشخاص الذين صنعوا لي الشبابيك هم أعوان شبيهين وليسوا رجال شرطة. القاضي: ومن أين يتلقى الأعوان الشبيهين رواتبهم. نجيب.ش: من المديرية العامة للأمن الوطني، ولكن سيدي الرئيس لقد صنعوا لي الشبابيك أيام عطلة نهاية الأسبوع وعندما أردت تسديد مستحقات عملهم رفضوا ذلك على أساس أنني كنت الأقرب اليهم في العمل واتفقت مع زوجتي ونظمت لهم مأدبة عشاء ببيتي على شرفهم بسبب مساعدتهم لي. القاضي: وماذا عن تلقيك هدايا من رؤساء المراكز الحدودية بالقالة وتبسة وسوق أهراس. نجيب.ش: سيدي الرئيس، إن الأمور بالنسبة إليّ واضحة، وإني أطلب من عدالتكم إحضار الأشخاص الذين سلموا لي الهدايا، وإني أتحدى أي شخص يقول أنني أخذت منه شيئا في شكل هدية أو بطريقة غير قانونية. القاضي: إذن أنت تنفي أنك تلقيت ملابس رجال ونساء وأطفال من رؤساء المراكز. نجيب.ش: أنكر وأصر على ذلك بشدة ومن لديه دليل ضدي فليقدمه أمامكم. القاضي: هل قمت ببيع سكن بمدينة سوق أهراس لفائدة المسماة (خ.فلة). نجيب.ش: أولا، سيدي الرئيس، لقد تحصلت على السكن من عند الوالي السابق لولاية سوق أهراس، وقد قمت فعلا ببيعه للسيدة المعنية وهذا ما سبق لي وأن أدليت به أمام محققي المفتشية الجهوية للأمن الوطني والمديرية العامة للأمن الوطني، وبخصوص وثيقة التنازل فقد أمضيتها على سبيل تصريح بالشرف ممضى بالبلدية بصفتي مواطن عادي وليس كعميد شرطة. القاضي: إذن أنت تنكر أنك أدليت بمعلومات كاذبة. نجيب.ش: بل أصر وأؤكد على ذلك. القاضي - ينادي على المتهم الثاني د. الساسي، ويطلب منه هويته - د. الساسي: من مواليد سنة 1955 بسوق اهراس، حافظ الأمن العمومي. القاضي: أنت متهم باختلاس أموال عمومية وإصدار صك دون رصيد، حجز أموال عمومية دون وجه حق وتلقي الهدايا. وماذا تقول عن الثغرة المالية التي تم اكتشافها على مستوى صندوق النادي من طرف الخبير الحسابي. د. الساسي: سيدي الرئيس، إن الثغرة المالية حدثت نتيجة الأموال التي كان يأخذها عميد الشرطة نجيب.ش بالتهديد، مستغلا نفوذه، كونه مسؤولي المباشر. وأؤكد انه اخذ بالتحديد ما يفوق مبلغ 55 مليون سنتيم من صندوق النادي على فترات، وأثناء نهاية خدمتي وتسليمي للمهام، أخبرت عميد الشرطة الذي استخلفه بالقضية. القاضي: عميد الشرطة الذي استخلفه في المنصب غير مسموع أمام الضبطية. وماذا كان يأخذ منك نجيب.ش بالتحديد. د. الساسي: أؤكد أن المبلغ المختلس يفوق 55 مليون سنتيم، ان عميد الشرطة كان يأخذ مني التبغ في شكل حصص أسبوعية، حيث كان يأمرني في كل أسبوع بجلب كميات من التبغ لأخذها وبيعها في السوق الموازية على أن يأخذ هو هامش الفائدة. القاضي: وما هي حصتك أنت في العملية. د. الساسي: كنت أقوم بهذا العمل دون مقابل. القاضي: وكيف تعمل دون مقابل. د. الساسي: كنت أتقاضى مبلغ 1000 د.ج عن كل عملية أقوم بها لفائدة عميد الشرطة. القاضي: فقط. د. الساسي: سيدي الرئيس، إن عميد الشرطة قد أخذ مني أموالا طائلة نتيجة الأعمال المشبوهة التي كان يجبرني على القيام بها وأعلمكم سيدي الرئيس أن عميد الشرطة الماثل كمتهم اليوم يملك نفوذا واسعا وحصانة. القاضي: لا نفوذ أمام هيئة المحكمة. د. الساسي: أردت أن أضيف أن عميد الشرطة كان يأخذ مني بعض المواد الغذائية الأخرى دون تسديد حقها في صندوق النادي الذي يسيره، كـ"المقرونة"، التي كنا نجلبها من مصالح الجمارك وكان يجبرني على إخراجها لبيعها لحسابه خارج النادي على متن سيارة الإسعاف التابعة للمصلحة. القاضي: وطيلة سبع سنوات كاملة لم تعترض ولم ترفض مرة واحدة طلبات المتهم الأول. د. الساسي: لقد حاولت في إحدى المرات أن أعترض على طلبات وأوامر عميد الشرطة، إلا أنني تلقيت تهديدات منه بتحويلي من منصب عملي إلى أحد المراكز عبر الولايات التابعة له. القاضي: وما قضية الملابس التي كان يتلقاها من رؤساء المراكز الحدودية. د. الساسي: لقد كان عميد الشرطة يتلقى ملابس نساء ورجال وأطفال من رؤساء المراكز الحدودية ويأمرني بإعادة بيعها في السوق الموازية ليأخذ هو المبالغ المتحصل عليها من عملية البيع. القاضي: وكم كنت تتقاضى. د. الساسي: دون مقابل. شهادات الشهود الذين حضروا الجلسة والمقدر عددهم بـ 18 شاهدا من عمال الشرطة وضباط وأعوان شبيهين أجمعوا في تصريحاتهم على الوقائع الواردة في قرار الإحالة وتقرير الخبرة، حيث استمعت هيئة المحكمة لمسؤول مصلحة التموين ورئيس مصلحة العتاد، اللذين أكدا صحة الوقائع وكل التصرفات المشبوهة التي قام بها عميد الشرطة. بعدها فتح القاضي الباب لأسئلة الدفاع والنيابة، وقد تمحورت الأسئلة للشهود وللمتهمين. وقد كانت أسئلة النيابة جد دقيقة وموضوعية للمتهمين والشهود من أجل الوصول إلى الحقيقة الكاملة بشأن هذه القضية التي تثير الرأي العام المحلي، والتمست النيابة في طلباتها معاقبة المتهمين بسنتين حبسا نافذا لكل واحد منهما مع غرامة مالية نافذة قدرها مئتي ألف دينار جزائري. الطرف المدني ممثل المديرية العامة للأمن الوطني أكد أن عميد الشرطة كان قد قام فعلا باختلاس المبلغ المثبت من طرف الخبير ونطالب بإرجاعه من المتهمين. وقد ركز دفاع الطرف المدني على أن الوقائع ثابتة من خلال الملف والوقائع إضافة إلى تصريحات الشهود والتمس بحفظ الحقوق المدنية للطرف المدني. دفاع المتهم الأستاذ محفوظ بوعافية في مرافعته ركز على أن الوقائع تم تضخيمها دون أن تتوافق مع الجانب القانوني، مؤكدا أن موكله حيكت ضده هذه القضية للتخلص منه فقط، وأنه سبق للمديرية العامة وان إقترحت عليه الخروج للتقاعد وهو ما رفضه بعد تمسكه باللجوء إلى العدالة للحصول على البراءة التي تمكنه من رد اعتباره، والتمس تبرئة ساحة موكله من التهم المنسوبة إليها ظلما وباطلا.
ـــــــــــــــــ
عـصـام بـن مــنــيـة